recent
أخبار ساخنة

تفريغ خطبة الجهاد آداب وأحكام لسماحة الوالد فضيلة الشيخ الدكتور عبد العظيم بدوي (كاملة)


تفريغ خطبة الجهاد آداب وأحكام  لسماحة الوالد فضيلة الشيخ الدكتور عبد العظيم بدوي (كاملة)


اداب الجهاد الشيخ عبد العظيم بدوي

احبتي الكرام
كما وعدتكم هذا تفريغا لخطبة الجمعة الماضية 

الجهاد آداب وأحكام  لسماحة الوالد فضيلة الشيخ الدكتور عبد العظيم بدوي (كاملة)

اترككم مع الخطبة ،، ولمن أراد تحميل الخطبة فأيقونة التحميل بالاسفل بعد الخطبة مباشرة بصيغة الوورد word



الجهاد آداب وأحكام

خطبة جمعة لسماحة الوالد فضيلة الشيخ الدكتور / عبد العظيم بن بدوي حفظه الله تعالي


الخطبة الأولي :

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 ، 71]

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكلل ضلالة في النار.

أيها الإخوة المسلمون ...

عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصتة بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال:" اغزوا بسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، و إذا لقيت عدوك فادعهم إلى ثلاث خصال: فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أجابوا فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن أبوا، فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم "

إخوة الإسلام :

لفظ الجهاد من الألفاظ التي أساء فهمها كثير من الشباب ، فحملوا السلاح داخل البلاد وقتلوا من قتلوا باسم الجهاد ، وخرجوا علي ولاة الأمر باسم الجهاد ، وحملوا السلاح في بلاد غير المسلمين وقتلوا من قتلوا باسم الجهاد ، وخطفوا الرجال واعتبروهم أسرى حرب ثم لم يحسنوا إليهم كما أمر الإسلام بالإحسان إلي الأسري بل لم يحسنوا قتلهم وكل ذلك باسم الجهاد وخطفوا المحصنات الغافلات المؤمنات واستباحوا أعراضهن علي أنهن سبايا حرب باسم الجهاد إلي أخر ما ارتكب باسم الجهاد في جميع البلاد مما لا يخفي علي أحد .

ولما كانت هذه التصرفات تسيء إلي الإسلام والمسلمين وكان لشبابنا علينا حق النصح والإرشاد رأيت أن أذكر اليوم بآداب الجهاد في الإسلام تحصينا لشبابنا من الوقوع في هذا الفهم السيئ ورجاء هداية من ضل منهم .

فأقول وبالله تعالي التوفيق :

للجهاد في الإسلام أهدافه السامية وغاياته النبيلة التي ذكرها ربنا سبحانه في قوله { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }

فتضمنت هذه الآيات الأهداف السامية والغايات النبيلة من مشروعية الجهاد في الإسلام وهي تتلخص في (( رفع الظلم ودفع العدوان ، الانتصاف للنفس والانتصاف للمظلوم ، حماية الدعوة والدعاة من أجل تبليغ دين الله ، حماية البيوت بيوت الله التي يذكر فيها اسمه من الهدم والإزالة علي أيدي الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون )).

والجهاد في الإسلام من وظائف ولي الأمر وواجباته ، لا يجوز لأحد أن يعلن الجهاد أو يدعوا إليه سوى ولي الأمر كما في الحديث (كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أمر أميرا علي جيش أو سرية ).

وولاة الأمر بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم هم القائمون مقامه ، فلا يجوز لغير ولي الأمر الدعاء إلي الجهاد أو إعلان الحرب ، شأن الجهاد في ذلك شأن إقامة الحدود ، والحد هو العقوبات الشرعية التي فرضها الإسلام علي من ارتكب بعض الذنوب ، فإقامة الحدود لا تجوز من غير ولي الأمر فلا يجلد الزاني إلا ولي الأمر أو نائبه ولا يقطع السارق إلا ولي الأمر أو نائبه وإلا عمت البلاد الفوضى واضطربت الأمور ، وكذلك الأمر بالجهاد ، فإذا أعلن الجهاد غير ولي الأمر تعدد الأمراء وكثرت الرايات واختلفت الآراء وقتل بعضهم بعضا وانقسمت الجماعة الواحدة إلي جماعات يقتل بعضهم بعضا ويشنع بعضهم علي بعض كما هو الواقع في البلدان من حولنا ، فاعلان الحرب والدعوة إلي الجهاد إنما هي من وظائف وخصائص وواجبات ولي الأمر .

فإذا رأي ولي الأمر إعلان الجهاد لأسباب دعت إليه فان عليه أن يؤمر علي المجاهدين أميرا يكون إلي هذا الأمير تدبير الأمور وتنظيم الجيوش وله علي المجاهدين حق السمع والطاعة .

فإذا دعي إمام المسلمين إلي الجهاد وأمر أميرا علي المجاهدين فعليه أن يدفع إليه الراية التي يتميزون بها وينحازون إليها ..

وللجهاد في الإسلام آداب فبل القتال وأثناء القتال وبعد القتال :

فقبل بدء المعركة من آداب الجهاد في الإسلام :

أن يخلص المجاهدون نواياهم ويجردوها لله تبارك وتعالي ففي الصحيح عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»

ولذلك كان عليه الصلاة والسلام حريصا كل الحرص إذا بعث بعثا أن يذكرهم بضرورة الإخلاص لله تبارك وتعالي في جهادهم فكان يقول لهم ( اغزوا باسم الله في سبيل الله )

كذلك لابد للمجاهدين من تقوي الله تبارك وتعالي فتقوي الله من أعظم أسباب النصر ، بها يحفظ الله تبارك وتعالي المجاهدين من كيد الكافرين وبها يمدهم بمدد من الملائكة المقربين قال تبارك وتعالي {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}

وقال تعالي {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ، بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}

ولذلك كان عليه الصلاة والسلام أيضا حريصا كل الحرص علي تذكير المجاهدين قبل خروجهم بتقوى الله ( فكان إذا أمر أميرا علي جيش أو سرية خصه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا )

ومن آداب الجهاد في الإسلام قبل بدء القتال

الدعوة : الدعوة إلي ثلاث خصال فأيتها قبلها العدو كف عنه قال عليه الصلاة والسلام ( ادعهم إلي خصال ثلاث فأيتهن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم )

وتبدأ الدعوة أولا بالدعوة إلي الإسلام ( ادعهم إلي الإسلام ) وذلك أن المقصد من الجهاد في الإسلام هو إنقاذ الناس من النار بإدخالهم في ديانة الله الواحد القهار عن رضا تام واختيار كامل وحرية مكفولة فلا إكراه في الدين كما قال رب العالمين سبحانه ، ولذلك لم يسجل لنا التاريخ علي مدار تلك السنين واقعة واحدة أجبر فيها المجاهدون المسلمون واحدا من الكافرين علي الدخول في الإسلام ،، فحرية الاعتقاد في الإسلام مكفولة قال تبارك وتعالي لنبيه عليه الصلاة والسلام {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ، ثم يوم القيامة حساب الكل علي الله تبارك وتعالي {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}

ومما يدل علي حرية الاعتقاد في الإسلام أن الإسلام لم يقتصر في دعاء الكافرين علي الدعوة إلي الإسلام فقط وإنما قال ( ادعهم إلي الإسلام ) أولا ( فان هم أجابوك فاقبل منهم ) فقد صاروا بإسلامهم إخوانا لنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، فان أبوا أن يدخلوا في الإسلام فلا إكراه في الدين ( فسلهم الجزية فان هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فان أبوا ) أبوا أن يدخلوا في الإسلام وأبوا أن يدفعوا الجزية ( فاستعن بالله وقاتلهم )

وللقتال في الإسلام آداب منها

إحسان القتل : فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»

كذلك من آداب الجهاد في الإسلام أثناء القتال :

أن يتقي المسلم ضرب وجه الكافر ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ»

من آداب القتال في الإسلام

ألا يقتل المجاهدون صبيا لما في الحديث الذي ذكرته في أول الخطبة ( لا تقتلوا وليدا ) فلا يقتل صبي ولا امرأة ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»

والعلة في النهي عن قتل النساء والصبيان أنهم لا يقاتلون كما في الحديث الذي رواه رباح بن ربيع، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلا، فقال: «انظر علام اجتمع هؤلاء؟» فجاء فقال: على امرأة قتيل. فقال: «ما كانت هذه لتقاتل» قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلا. فقال: «قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفا»

إن الله تعالي قال {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وقال تعالي {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}

ولنفس العلة يلحق بالنساء والصبيان المرضي والعمال والمزارعون والرهبان والنساك وغيرهم ممن يعرف في العصر الحديث باسم المدنيين ، فالمدنيون الذين أقاموا في مزارعهم ومصانعهم ومحلاتهم وأسواقهم وبيوتهم لا يقاتلون في الإسلام

ومن آداب القتال في الإسلام

ألا يحرق المجاهدون المسلمون أحدا من الكافرين ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ، فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَدْنَا الخُرُوجَ: «إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا»

هذه آداب الجهاد في الإسلام قبل القتال وأثناء القتال

فإذا انتهت المعركة ووضعت الحرب أوزارها لم تنتهي الآداب الإسلامية وإنما يكلف المجاهدون المسلمون بالتزام ما دعاهم إليه الإسلام من الآداب بعد القتال .

ومن الآداب بعد القتال

ألا يمثل المجاهدون المسلمون بجثة أحد من أعدائهم لما سمعناه في الحديث ( ولا تمثلوا ) فلا يجوز للمجاهدين المسلمين أن يقطعوا أنف رجل أو أذنه أو يشرموا شفته أو يقطعوا يده أو يقطعوا رجله ونحو ذلك مما يعد تمثيلا بالميت فهذا لا يجوز

كذلك من آداب الجهاد في الإسلام بعد انتهاء المعركة

أن يدفن المجاهدون المسلمون قتلي المشركين فإن الله تبارك وتعالي جعل من تكريم الآدمي دفنه ولو كان غير مسلم ولذلك كان عليه الصلاة والسلام لما فرغ من غزوة بدر جمع قتلي المشركين ورماهم في البئر .

كذلك من آداب الجهاد بعد القتال

ألا يبيع المسلمون جثث الكافرين لذويهم إذا أرادوا شرائها وعلي ذلك بوب البخاري رحمه الله فقال(( بَابُ طَرْحِ جِيَفِ المُشْرِكِينَ فِي البِئْرِ، وَلاَ يُؤْخَذُ لَهمْ ثَمَنٌ)) ،، قال الحافظ بن حجر رحمه الله أشار بقوله (ولا يؤخذ لهم ثمن ) إلي حديث بن عباس رضي الله عنهما الذي رواه الترمذي أن المشركين أرادوا أن يشتروا جثة رجل من قتلي بدر فقال صلي الله عليه وسلم لا حاجة لنا بثمنه ولا جثته .

ومن آداب الجهاد في الإسلام بعد القتال

إكرام الأسرى وإحسان مثواهم حتى يبت في أمرهم :

فلقد كانت غزوة بدر أولي غزوات النبي صلي الله عليه وسلم ، مكنه الله تعالي من المشركين فقتل منهم سبعين وأسر منهم سبعين ، فلما رجع بالأسرى إلي المدينة فرقهم علي أصحابه ووصاهم بالأسرى خيرا فأكرموا نزلهم وأحسنوا مثواهم عملا بوصية رسول الله صلي الله عليه وسلم ومدحهم الله تعالي علي هذا الإكرام وعلي هذا الإحسان وسجله في القران فقال تعالي {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}،، ولقد سجل لنا التاريخ في صفحاته علي كثرتها شهادة إنصاف من أسير من أسري بدر يقال له أبو عزيز أخو مصعب بن عمير رضي الله عن مصعب ،، أبو عزيز بن عمير كان في أسرى بدر يقول ( كنت في نفر من الأنصار فكان إذا حضر غدائهم أو عشائهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر ) لماذا ؟ لان الخبز يشبع والتمر لا يشبع ،فيقول أبو عزيز

( كنت في نفر من الأنصار فكان إذا حضر غدائهم أو عشائهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر عملا بوصية رسول الله صلي الله عليه وسلم إياهم بنا فكان أحدهم إذا جاءته كسرة دفعها إلي فأستحيي فأردها عليه فلا يمسهاويردها علي مرة ثانية )

اللهم صلي علي محمد وال محمد وارضى اللهم عن أصحاب رسولك أجمعين وثبتنا اللهم علي ما هديتنا إليه من الإسلام والإيمان . أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا علي الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمد عبده ورسوله ، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلي إله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلي يوم الدين

أما بعد فيا أخوة الإسلام :

ومن آداب القتال في الإسلام

عدم الغلول لقوله صلي الله عليه وسلم في الحديث (ولا تغلوا ) ،، والغلول هو أخذ شيء من المغانم خلسة قبل أن يقسمها الإمام ،، جاهد المسلمون في سبيل الله وجمعوا الغنائم فيجب أن يكون المجاهدون أمناء علي ما غنموا وأن يدفعوا المغانم كلها دقها وجلها إلي إمام المسلمين يوزعها كما أمر الله ، فمن غل أي أخذ من الغنائم شيئا خلسة عوقب عليه بالنار قال تعالي {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}

وعن بن عباس رضي الله عنهما قال حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ , حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلًّا , إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا "

هذا الذي قاتل في سبيل الله رأي عباءة أعجبته فاختلسها من الغنيمة فكان في النار وحرم أجر الشهداء بسبب ذلك الغلول .

ومن آداب الجهاد في الإسلام

أنه إذا وضعت الحرب أوزارها بصلح أو معاهدة أو أجار أحد من المسلمين محاربا وأعطاه أمانا أنه يجب الوفاء بالعهد والأمان ويحرم الغدر والخيانة ويحرم الاعتداء علي المُؤَمَن ولو كان من أمنه إمرأة :

عن سليم بن عامر قال كان بين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وبين الروم عهد فجعل يسير إليهم ليدنوا من أرضهم حتى إذا انتهت المدة باغتهم بالحرب فإذا رجل علي فرس يقول الله ( الله أكبر الله اكبر وفاء لا غدر وفاء لا غدر ) فنظروا فإذا هو عمر بن عبسة أحد أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فأرسل إليه معاوية فسأله فقال إني سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول (" مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَشُدَّ عُقْدَةً وَلَا يُحِلَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ " ) , فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»

وعن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت ( أجرت رجلا من المشركين يوم الفتح فأراد علي أخي قتله فقلت لا تقتله قال لأقتلنه فأتيت النبي صلي الله عليه وسلم فقلت زعم ابن أمي ، أنه قاتل رجلا أجرته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ».

هذا هو الجهاد في الإسلام وهذه آدابه وأحكامه .

الجهاد في الإسلام من خصائص ولي الأمر ووظائفه وواجباته ليس لأحد سواه أن يعلن الحرب أو يدعوا إلي الجهاد وإلا تعدد الأمراء وتعددت الرايات وتعددت الجماعات وقتل بعضهم بعضا كما يشهد الواقع به

ألا فعلي شبابنا أن يتقوا الله في أنفسهم وفي الناس كافة مسلمين وغير مسلمين وليتفقهوا في الدين فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) وعلي شبابنا أن يسألوا العلماء كما أمر تعالي {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} في كل شيء ، فضلا عن أن تقدم يا بني علي فعل يودي بحياتك ترجوا به الجنة وإذا بك تهوي بسببه في النار لجهلك وعدم علمك بالإحكام الشرعية

أسأل الله سبحانه وتعالي أن يصلح شبابنا وأن يحفظهم وأن يهديهم سواء السبيل وأن يهدي كل ضال ويثبتنا جميعا علي صراطه المستقيم

اللهم أعد للمسلمين عزهم ومجدهم وصن بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء يارب العالمين اجمع شملنا ووحد صفنا وألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا وأهدنا سبل السلام إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين .


حمل تفريغ الخطبة بصيغة الوورد word
تحميل 






google-playkhamsatmostaqltradent